بعد الإفراج عنه.. مغني راب يكشف عن تعرضه للتعذيب داخل سجن إيراني
بعد الإفراج عنه.. مغني راب يكشف عن تعرضه للتعذيب داخل سجن إيراني
أعلن مغني الراب المنتمي إلى عرب الأهواز في إيران، عبّاس دغاغله المعروف فنيًا باسم "رشّاش"، عن تفاصيل مروّعة حول ما تعرّض له من تعذيب وضغوط جسدية ونفسية أثناء فترة احتجازه، مؤكدًا أنه سيكتب عن جميع من يعيشون تحت وطأة التعذيب في السجون الإيرانية.
وكتب الفنان الشاب البالغ من العمر 22 عامًا في منشور عبر حسابه على "إنستغرام": "سأكتب عن كل من يتعرض للتعذيب لمجرد قوله لا، وعن الذين لم يُسمح لهم حتى بأن يصرخوا"، بحسب ما ذكرت قناة "إيران إنترناشيونال"، اليوم السبت.
وأضاف "رشّاش" أنه شعر بأن الصمت أمام الظلم "خيانة لأولئك الذين ما زالوا خلف الأبواب المغلقة يُعذَّبون فقط لأنهم أرادوا أن يعيشوا أحرارًا".
تأكيدات من منظمة حقوقية
أفادت منظمة كارون لحقوق الإنسان، وهي أول من أعلن نبأ اعتقاله، بأن قوات الأمن الإيرانية داهمت منزله يوم الجمعة 10 أكتوبر الجاري، وصادرت هاتفه المحمول ومعدات التسجيل الخاصة به، قبل أن تقتاده إلى سجن يتبع أحد الأجهزة الأمنية في طهران، حيث تعرّض خلال التحقيق لـ"ضغوط لتسجيل اعترافات وللتوقيع على تعهد بالصمت".
وأضاف "رشّاش" في إحدى قصصه على "إنستغرام": "في الزنازين تعلّمت معنى الألم الحقيقي؛ فالتعذيب ليس مجرد ضرب أو صراخ، بل هو محاولة لقتل الإنسان في داخلك وكسر إرادتك وزرع الشك في نفسك وفي كل ما تؤمن به".
وأكد "رشّاش" أنه خرج من السجن بجسد متعب لكن بروح أقوى، موضحًا: "رأيت وجوهًا لا تُنسى، وسمعت أنينًا سيبقى في قلبي ما حييت. لذلك لن أكتب فقط عن نفسي، بل عن كل من يتعرضون للتعذيب لأنهم قالوا لا"، مشددًا على أن صوته "لن يُسكت".
واستخدم الفنان الأهوازي وسم #حسن_ساعدي، وهو ناشط عربي قُتل تحت التعذيب في معتقل دائرة الاستخبارات بالأهواز، إلى جانب اسمي مغنيَي الراب المعتقلين #مشكي و#دِلو، مؤكدًا أنه "ما زال واقفًا، وما زال في صدره ما يستحق أن يُقال".
قمع موسيقى الراب
كشفت تقارير حقوقية أن السلطات الإيرانية تشن حملة قمع ممنهجة ضد مغنيي الراب، الذين أصبحوا من أبرز الأصوات المعارضة للظلم والتمييز العرقي في البلاد، خصوصًا في مناطق الأقليات مثل الأهواز. وتُعد موسيقى الراب في إيران تعبيرًا احتجاجيًا مباشرًا، غالبًا ما يتناول الفقر، والعنصرية، وغياب العدالة.
وشهدت الأيام الماضية اعتقال ما لا يقل عن ثلاثة من فناني الراب في إيران، هم: آرش صيادي، وأشكان شكاريان مقدم، ورسّام سهرابي (ملحن)، بدعوى "شجار لفظي وجسدي في مكان عام"، لكن منظمات حقوقية أكدت أنهم أُجبروا على تقديم اعترافات قسرية أمام الكاميرات.
وبثّ الإعلام الإيراني مقاطع فيديو للفنانين الثلاثة، ظهروا فيها عراة الصدر، حليقي الرؤوس، وهم يقرؤون نصًا موحدًا يتضمن "اعتذارًا وندمًا" على أعمالهم، ما أثار غضبًا واسعًا في الأوساط الفنية والمعارضة، ودفع مغني الراب المعروف توماج صالحي إلى انتقاد السلطات علنًا واتهامها بـ"استخدام الإذلال سلاحاً سياسياً".
استمرار الاعتقالات
لم تتوقف الحملة عند هذا الحد، إذ أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية لاحقًا اعتقال ثلاثة آخرين من مغني الراب، هم: دانيال فرجي الملقب بـ"مشكي"، وأردلان الملقب بـ"دِلو"، وسجاد شاهِي، بتهمة "نشر محتوى غير لائق وأعمال مثيرة للجدل على وسائل التواصل الاجتماعي".
وذكرت تقارير أن دانيال فرجي سبق أن قدّم أعمالًا فنية ذات طابع سياسي، وأُجبر في فيديو اعترافاته على تقديم اعتذار رسمي للمرشد الإيراني علي خامنئي.
وبيّنت منظمات حقوقية أن بثّ الاعترافات القسرية سياسة قديمة اتبعتها السلطات الإيرانية منذ ما بعد ثورة 1979، إذ تُستخدم أداة لتشويه سمعة المعارضين وكسر إرادتهم أمام الرأي العام.
وفي 15 أكتوبر الجاري، أصدر أكثر من 900 ناشط سياسي ومدني بيانًا مشتركًا بعنوان "أوقفوا الاعترافات القسرية". وجاء في البيان الذي حصلت عليه قناة "إيران إنترناشيونال": "لا يمكن لأي اعتراف يتم تحت التهديد أو الضغط أو الحرمان من الحقوق الأساسية أن يكون ذا شرعية أخلاقية أو قانونية".
دعوات لإنهاء القمع
أكد البيان أن بثّ اعترافات أشخاص محتجزين في ظروف من العزلة والتعذيب النفسي والجسدي "يشكل انتهاكًا صارخًا لمبادئ المحاكمة العادلة والحقوق المدنية".
ودعا المجتمع الدولي إلى التدخل لوقف "ثقافة الصمت المفروضة في إيران"، وحماية الفنانين والنشطاء الذين يُستخدم ضدهم القمع أداة سياسية.